القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الحج
لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) (الحج) 
" لِيَجْعَل مَا يُلْقِي الشَّيْطَان فِتْنَة لِلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض وَالْقَاسِيَة قُلُوبهمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاق بَعِيد" فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّه قَضَاءَهُ وَبَرَّأَهُ مِنْ سَجْع الشَّيْطَان اِنْقَلَبَ الْمُشْرِكُونَ بِضَلَالَتِهِمْ وَعَدَاوَتهمْ الْمُسْلِمِينَ وَاشْتَدُّوا عَلَيْهِمْ وَهَذَا أَيْضًا مُرْسَل وَفِي تَفْسِير اِبْن جَرِير عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام نَحْوه وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة فَلَمْ يَجُزْ بِهِ مُوسَى بْن عُقْبَة سَاقَهُ مِنْ مَغَازِيه بِنَحْوِهِ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاق هَذِهِ الْقِصَّة " قُلْت " وَقَدْ ذَكَرَهَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي السِّيرَة بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا وَكُلّهَا مُرْسَلَات وَمُنْقَطِعَات وَاَللَّه أَعْلَم وَقَدْ سَاقَهَا الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيره مَجْمُوعَة مِنْ كَلَام اِبْن عَبَّاس وَمُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَغَيْرهمَا بِنَحْوٍ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ سَأَلَ هَهُنَا سُؤَالًا كَيْف وَقَعَ مِثْل هَذَا مَعَ الْعِصْمَة الْمَضْمُونَة مِنْ اللَّه تَعَالَى لِرَسُولِهِ صَلَاة اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ ثُمَّ حَكَى أَجْوِبَة عَنْ النَّاس مِنْ أَلْطَفهَا أَنَّ الشَّيْطَان أَوْقَع فِي مَسَامِع الْمُشْرِكِينَ ذَلِكَ فَتَوَهَّمُوا أَنَّهُ صَدَرَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي نَفْس الْأَمْر بَلْ إِنَّمَا كَانَ مِنْ صَنِيع الشَّيْطَان لَا عَنْ رَسُول الرَّحْمَن وَاَللَّه أَعْلَم . وَهَكَذَا تَنَوَّعَتْ أَجْوِبَة الْمُتَكَلِّمِينَ عَنْ هَذَا بِتَقْدِيرِ صِحَّته وَقَدْ تَعَرَّضَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه فِي كِتَاب الشِّفَاء لِهَذَا وَأَجَابَ بِمَا حَاصِله أَنَّهَا كَذَلِكَ لِثُبُوتِهَا وَقَوْله " إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته " هَذَا فِيهِ تَسْلِيَة مِنْ اللَّه لِرَسُولِهِ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ أَيْ لَا يُهِيدَنَّك فَقَدْ أَصَابَ مِثْل هَذَا مَنْ قَبْلك مِنْ الْمُرْسَلِينَ وَالْأَنْبِيَاء قَالَ الْبُخَارِيّ قَالَ اِبْن عَبَّاس " فِي أُمْنِيَّته " إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَان فِي حَدِيثه فَيُبْطِل اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان " ثُمَّ يُحْكِم اللَّه آيَاته " قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس" إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته " يَقُول إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَان فِي حَدِيثه وَقَالَ مُجَاهِد " إِذَا تَمَنَّى" يَعْنِي إِذَا قَالَ يُقَال أُمْنِيَّته قِرَاءَته " إِلَّا أَمَانِيّ" يَقْرَءُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَأَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا مَعْنَى قَوْله " تَمَنَّى " أَيْ تَلَا وَقَرَأَ كِتَاب اللَّه" أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته " أَيْ فِي تِلَاوَته قَالَ الشَّاعِر فِي عُثْمَان حِين قُتِلَ : تَمَنَّى كِتَاب اللَّه أَوَّل لَيْلَة وَآخِرهَا لَاقَى حِمَام الْمَقَادِر وَقَالَ الضَّحَّاك " إِذَا تَمَنَّى " إِذَا تَلَا قَالَ اِبْن جَرِير هَذَا الْقَوْل أَشْبَه بِتَأْوِيلِ الْكَلَام وَقَوْله " فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان " حَقِيقَة النَّسْخ لُغَة : الْإِزَالَة وَالرَّفْع قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْ فَيُبْطِل اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى مَا أَلْقَى الشَّيْطَان وَقَالَ الضَّحَّاك نَسَخَ جِبْرِيل بِأَمْرِ اللَّه مَا أَلْقَى الشَّيْطَان وَأَحْكَمَ اللَّه آيَاته وَقَوْله " وَاَللَّه عَلِيم " أَيْ بِمَا يَكُون مِنْ الْأُمُور وَالْحَوَادِث لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة " حَكِيم " أَيْ فِي تَقْدِيره وَخَلْقه وَأَمْره لَهُ الْحِكْمَة التَّامَّة وَالْحُجَّة الْبَالِغَة وَلِهَذَا قَالَ" لِيَجْعَل مَا يُلْقِي الشَّيْطَان فِتْنَة لِلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض " أَيْ شَكّ وَشِرْك وَكُفْر وَنِفَاق كَالْمُشْرِكِينَ حِين فَرِحُوا بِذَلِكَ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ صَحِيح مِنْ عِنْد اللَّه وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ الشَّيْطَان قَالَ اِبْن جُرَيْج " الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض " هُمْ الْمُنَافِقُونَ " وَالْقَاسِيَة قُلُوبهمْ " هُمْ الْمُشْرِكُونَ وَقَالَ مُقَاتِل بْن حَيَّان هُمْ الْيَهُود " وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاق بَعِيد " أَيْ فِي ضَلَال وَمُخَالَفَة وَعِنَاد بَعِيد أَيْ مِنْ الْحَقّ وَالصَّوَاب .
كتب عشوائيه
- المنهج لمريد العمرة والحجالمنهج لمريد العمرة والحج : تحتوي الرسالة على المباحث التالية: - آداب السفر. - صلاة المسافر. - المواقيت. - أنواع الأنساك. - المحرم الذي يلزمه الهدي. - صفة العمرة. - صفة الحج. - زيارة المسجد النبوي.
المؤلف : محمد بن صالح العثيمين
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/250746
- آداب المشي إلى الصلاة مع بيان بعض أحكام الصلاة والزكاة ومايفسد الصومآداب المشي إلى الصلاة : رسالة في بيان ما يُسن للخروج إلى الصلاة من آداب وصفة الصلاة وواجباتها وسننها، وبيان صلاة التطوع وما يتعلق بها، وصلاة الجماعة وواجباتها وسننها، وبيان صلاة أهل الأعذار، وصلاة الجمعة والعيدين والكسوف والإستسقاء وصلاة الجنازة، وما يتعلق بالزكاة والصيام.
المؤلف : محمد بن عبد الوهاب
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/264152
- المفيد على كتاب التوحيدالمفيد على كتاب التوحيد : قال الشارح - أثابه الله - « ألَّف الشيخ - رحمه الله - هذا الكتاب - كتاب التوحيد -؛ لبيان حقيقة التوحيد وشُعَبه وفضائله، وحقوقه ومكملاته، وما يحصل به تحقيقه، ووجوب الدعوة إليه، والتنبيه على حقيقة الشرك وأنواعه كالأكبر والأصغر، والجلي والخفي، وبيان شُعَبـِه وخصاله وخطره، ووجوب الحذر منه كله، قليله وكثيره، دقيقه وجليله وذرائعه، والتنبيه على ذرائعه من البدع وأمور الجاهلية وكبائر الذنوب وغير ذلك من المحرمات التي تنافي التوحيد بالكلية، أو تنقص كماله الواجب، أو تقدح فيه وتضعفه. لذا فهذا الكتاب كتاب عظيم النفع، جليل القدر، غزير العلم، مبارك الأثر، لا يُعلم أنه سبق أن صُنِّف مثله في معناه رغم صغر حجمه؛ لكثرة فوائده وحسن تأثيره على متعلِّميه، فينبغي حفظه وفهمه، والعناية بدراسته، وتأمّل ما فيه من الآيات المحكمات، والأحاديث الصحيحات، والآثار المروية عن السلف الصالح؛ لما فيها من العلم النافع والترغيب في العمل الصالح والهدى المستقيم، والدلالة على توحيد الله تعالى والإخلاص لـه، والتنبيه على بطلان الشرك والبدع وسائر ما حرّم الله تعالى من أنواع ذلك وفروعه ووسائله وما يُوصل إليه ».
المؤلف : عبد الله بن صالح القصير
الناشر : شبكة الألوكة http://www.alukah.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/292933
- كشاف تحليلي لشروح ثلاثة الأصول وأدلتهافي هذا الملف كشاف تحليلي لشروح ثلاثة الأصول وأدلتها تم إعداده من تحليل عبارات المتن، وشرح سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز، والشيخ محمد العثيمين، وحاشية ابن قاسم، وشرح معالي الشيخ صالح آل الشيخ، وشرح الشيخ: عبد الله الفوزان. • والغرض منه أن يفيد منه المعلم ويستفيد منه الطالب الحاذق حتى يتقن دراسة هذه المتون القيمة دراسة المستبصر الذي يرجى نفعه للأمة بالدعوة إلى الله وبيان التوحيد والذب عن حماه وكشف شبهات أهل الشرك والبدع. • تم تقسيم الكشاف إلى دروس، كل درس يحتوي على عناصر وأسئلة. • أما عن ثلاثة الأصول وأدلتها فهي رسالة مختصرة ونفيسة صنفها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، وتحتوي على الأصول الواجب على الإنسان معرفتها من معرفة العبد ربه, وأنواع العبادة التي أمر الله بها ، ومعرفة العبد دينه، ومراتب الدين، وأركان كل مرتبة، ومعرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في نبذة من حياته، والحكمة من بعثته، والإيمان بالبعث والنشور، وركنا التوحيد وهما الكفر بالطاغوت,والإيمان بالله.
المؤلف : عبد العزيز الداخل
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/285587
- فقه اللغة [ مفهومه - موضوعاته - قضاياه ]فقه اللغة : يحتوي هذا الكتاب على مدخل، وأربعة أبواب، وخاتمة، وذلك على النحو التالي: - مدخل: ويحتوي على قبس من التنزيل في التنويه بشأن العربية، وعلى بعض أقوال السلف، والعلماء والشعراء في تعظيم شأن العربية. - الباب الأول: دراسة عامة للغة وفقه اللغة. - الباب الثاني: دراسات عامة لبعض موضوعات فقه اللغة. - الباب الثالث: دراسات في المعاجم العربية. - الباب الرابع: مشكلات تواجه العربية. وتحت كل باب من الأبواب السابقة عدد من الفصول، وتحت كل فصل عدد من المباحث. - الخاتمة: وتتضمن ملخصاً يجمع أطراف ما ورد في هذا الكتاب.
المؤلف : محمد بن إبراهيم الحمد
الناشر : موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/172587












